Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

إعلان زين ٢٠٢٤ – عندما يعجز الكبار عن إيقاف الحرب!

تحليل-اعلان-زين-2024

لن تكون هناك مقدمة لأنه ليس مجرد تقديم، هذا الحق في الدفاع عن الأرض والنفس والشرف، حتى وأن تخلى عنَا وخذلنا الجميع ستبقى فلسطين حرة بالأمل والإيمان، والأجيال القادمة.. سنبقى بأطفالنا لأنهم الإرث لأنهم “الغد” الذي سبق تفكيره ووعيه ونضجه فأصبح جيش يتحدث ويخاطب ويدافع “اليوم”. 

كانت هذه هي استراتيجية إعلان” زين رمضان 2024″ – لأن الكبار سكتوا سيترافع الأطفال.. وستنصفنا الشعوب إذا ميزان السياسة مال. 

باقون – صامدون – مستمرون رغم كل شيء، لم تُقتل عادتنا ولم ينتهي الزيتون هذا وعد وحق .. سنعود 

Ads insight – المشهد الإعلاني

 “لكل منا طريقته في التعبير”، التعبير عن الغضب، الفرح، الحب..  ولكل منا علامة مميزة، أو تيمة مميزة، أو حتى حديث مميز يظهر بظهور حالة معينة، فماذا إذا كانت هذه الحالة هي فلسطين؟! بالتأكيد سنتذكر علامات النصر وبالتأكيد سنذكر الطفل “حنظلة”..  

Creative Concept – ترسيخ المفاهيم الإبداعية

ولكن لماذا حنظلة؟

حنظلة هو الأسطورة الفلسطينية التي أصبحت رمزاً للمقاومة، عن طريق شخصية مبتكرة، الثائر رسام الكاريكاتير الشهير “ناجي العلي”. الثائر الذي كرّس حياته وفنه لخدمة القضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال من خلال ابتكاره ورسمه لشخصيات مختلفة ولوحات عديدة تنتقد الأوضاع وتهاجم الاحتلال، مثل فاطمة العربية وشخصية جندي الاحتلال طويل الأنف.. إلخ، وأخيرًا شخصية حنظلة ذلك الطفل الذي أجبر على ترك فلسطين في العاشرة من عمره وسيظل دائماً في العاشرة حتى يعود إلى وطنه.. 

“يظهر حنظلة في وضع إدارة الظهر، عقد اليدين، يرتدي ملابس مرقعة وحافي القدمين، ويرفع علامات النصر بيده ”  

وهذا هو اتجاه الإعلان “إظهار الرسالة وهي استمرار المقاومة عن طريق الأطفال بقيادة حنظلة. 

الأفكار الإبداعية في الإعلان Creative idea 

الإعلان مقسم إلى جزئين، الجزء الأول  يظهر الإعلان بشكل إبداعي ممثل في قيام مجموعة من الأطفال بقيادة حنظلة بالتوجه إلى مقر مجلس الأمن لإلقاء رسالة إلى كل دول العالم عن طريق الكاميرا التي تسجل فقط. الرسالة محتواها هي أننا باقون حتى وإن خذلنا الجميع، ثم ننتقل إلى النصف الثاني وهو التعبير عن الأمل وغريزة البقاء والإيمان بالعقيدة والنضال والأرض والعادات من خلال رقص استعراضي.

نوع الإعلان يجمع بين أسلوب الحكي storytelling، وبين الشكل الاستعراضي الغنائي jingle.. تم الجزء الأول فيه في مقر الأمم المتحدة وتواجد ممثلي دول العالم، والجزء الثاني حي من أرض الواقع بتجسيد للأرض الفلسطينية.  

رسائل الإعلان: 

جمعت رسائل الإعلان بين الرسائل المباشرة والخفية التي ظهرت بشكل واقعي كبير ومؤثر لكل متلقٍ للإعلان، بدأ الإعلان من الصرخات والأصوات الحية لأهالي الشهداء والتي انتشرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية منذ قيام الحرب، ثم بدأ الإعلان في تقديم نفسه وشخصيته من خلال كلمات قوية وموجهة مثل.. 

توقفي عن التصوير:

وهذا خطاب موجه لوسائل الإعلام والسوشيال ميديا ودورها في نقل الأحداث وجزء آخر خفي هو رسالة للقنوات والمنصات الغربية التي تسلط الضوء على الكيان المغتصب دون الحديث عن الأوضاع والقتل والتهجير والجرائم التي تحدث بحق شعبنا الفلسطيني.   

أنا حنظلة الصغير وخلفي أطفال بلا عمر:  

هنا يقدم الإعلان الشخصيات المكونة من أطفال بقيادة حنظلة، وهذا هو الهدف العام من الإعلان “التظاهر والاحتجاج بالأطفال” ولكن تنقسم الجملة إلى شقين، الأول هو الرسالة المباشرة أن الأطفال تناضل من أجل حقوقها كدلالة على البقاء والصمود، والثانية هي التعبير القاسي في وخلفي أطفال بلا عمر وهذه رسالة للتعبير عن حق الأطفال المهدر على يد الكيان المغتصب من قتل وخوف وذعر، بلا عمر: أي أننا بلا حياة.

استخدم حق الفيتو لأضيف كلمة لا:

 هذا استنكار واستخفاف بدول العالم وحق الفيتو، لأن الفيتو هو حق الاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دون إبداء أسباب وهذا الفيتو مقتصر فقط على الدول الخمس الكبار وهم (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، فالرسالة هنا هي أننا نستخدم حق الـ “لا” لكي نقول “لا”.. 

وماذا بعد؟ سأعود:

سنرد على الإبادة بالولادة، أي أننا لن ننتهي أبداً ومقابل كل قتل تقومون به يأتي مولود جديد ليدافع عن الأرض، من الخيام، من بطن الأنقاض، من الانفجارات والقصف، حتى من رحم الإبادة نفسها.. ثم ينتقل الإعلان إلى وماذا بعد إلقاء الرسالة هذه إلى جميع دول العالم؟، “لن نقتصر بالحديث فقط”؛ سنعود..  ولكن بأي شكل سنعود؟ 

هنا يبدأ الجزء الثاني من الإعلان وهو الانتقال إلى الأرض الفلسطينية ذاتها: 

فسنعود لنزرع أرضنا، سنعود لنقيم ديارنا، سنعود لنصلي في الأقصى، سنعود لمدارسنا وأعمالنا، سنعود لعاداتنا من الأفراح والزينة، سنعود للحياة التي نأملها طبيعية هادئة برغم كل ما فعلتموه وتفعلوه. 

هنا يأتي التعبير على قسم العودة في عهد كل فلسطيني:

وأيضاً ممزوج برسالة أخرى أننا برغم كل ما يدور حولنا لم تسلب منا هويتنا وأحلامنا وعادتنا وهذا ظهر أيضاً خلال الفترة الأخيرة في بعض المشاهد على السوشيال ميديا مثل التجمع للإفطار وتزيين الأنقاض.. فهنا نتوجه برسالتين الأولى هي حق العودة والإيمان به، والثانية هي حق الأمل الذي لم يسلب بعد.. 

بعض الرسائل جاءت لتصف الآخرين بالوقاحة، الآخرون هم ممثلو مجلس الأمن والدول. والرسالة هي تحويل القاعة إلى مكان يشهد على كل جرائمهم وأفعالهم.. مثل، اللقطات التي ينسحب منها الأعضاء الدائمين من القاعة، كذلك لقطة السيدة التي تأكل الموز وهي تشاهد الأطفال.

مقالات قد تهمك:

رسالة “لا”

قول كلمة لا باللغة العبرية مع جملة أتسمعوني الآن للدلالة على أن اللغة المسموعة في المجلس هي اللغة الصهيونية.. ومشاهدة الأعضاء من أعلى الكراسي الداخلية للقاعة والأطفال في أسفلها، والأطفال الذين يحملون جثث الشهداء في القاعة، وحتى في النهاية ترك الأطفال أحذيتهم في المنطقة الفارغة للقاعة وهذا يحمل أيضاً رسالتين. 

الأولى هي الاستشهاد والقتل الذي حل بالأطفال الفلسطينيين فكأن ساحة القاعة تحولت إلى مقابر جماعية يعرف فيها الطفل من حذائه دليل على أسلوب القتل الذي يمحي الجسد والهوية ويترك فقط الحذاء.

أما الثانية وهي الحذاء نفسه في رسالة قوية أنكم تستحقون منا فقط “ترك الحذاء”  

السينماتوغرافي 

زوايا الكاميرا جاءت تجمع بين الـ wide shot  وال medium shot ، الانتقالات لا يوجد بها أي شيء مبالغ كلها جاءت سلسة وطبيعية لتعبر عن الحالة، حركة الكاميرا كان بها شيء من البطىء من أجل انعكاس المود الخاص بالإعلان وهو الحزن، في النهاية الكاميرا استخدمت بشكل مثالي للتعبير عن الجو العام للإعلان و لتوصيف حالة الحزن للمشاهد.  

ال art direction 

تجسيد حي للديكور في كافة أجزاء الإعلان بدون إضافات كبيرة، في الجزء الأول داخل القاعة الخاصة بمجلس الأمن، ثم في الجزء الثاني الخاص بالأراضي الفلسطينية. 

الألوان والملابس جاءت تعبر عن الحالة بشكل فعلي، هناك تناسق بين الألوان بشكل كبير في كافة المشاهد، عند الانتقال لمشهد الاستعراض والغناء في الجزء الثاني من الإعلان كانت كل اللقطات تخدم الواقع الفلسطيني من الملابس والديكورات الخلفية من الحلى والتزيين والعلم والبيوت.. مع استخدام ألوان الشمس وانعكاس الإضاءات للتعبير عن الأمل الجديد أو الميلاد الجديد. 

استخدم الأرض الفلسطينية كموقع حي للتصوير، مع استخدام الديكور الفلسطيني والإضاءات والعلم في الخلفية في الجزء الثاني “كل الديكورات جاءت لتعبر عن الطابع والشكل الفلسطيني الحي والواقعي.

الإخراج: 

انعكس كل ما سبق في الإخراج فأراد المخرج أن يسير معنا برحلة قصيرة ولكنها طويلة وذات مغزى قوي.

في البداية كان الجذب من خلال مجموعة الرسائل الصوتية لأهالي الشهداء وأصواتهم القوية التي يحفظها الجميع، ثم الاسترسال في حكي قصة فلسطين 2024 عن طريق مزج مشاعر مختلفة من التعبير عن الحزن والاستنكار والرفض والصمود والأمل “وهذا هو التعبير الأدق والأشمل” للمقاومة وللحالة التي يعيشها كل فلسطيني بين الحرب والنهار الجديد الذي نأمله.

اعتمد المخرج على إظهار أبطاله بشكل واضح وإظهار التناقض بين الأطفال وبين القادة من مجلس الأمن، صور المخرج حالة الجرائم التي تحدث يوميًأ بشكل مختلف مثل السرير والخيم وجثث الأطفال والدماء والأكفان. 

أظهر المخرج الاسقاطات العديدة مثل حالة اللامبالاة في القادة، والاستهزاء بالحق الفلسطيني، والانسياق وراء العدو الصهيوني 

أوصل المخرج رسالة واضحة بأن دول العالم الكبري تساند العدو المغتصب عند قيام الأطفال بقول كلمة لا باللغة العبرية.

أظهر المخرج في الجزء الثاني من الإعلان فلسطين وكأننا نعيش فيها، وهنا ظهرت البراعة في الانتقال من حالة الحزن لحالة الفرح والأمل.

ترك المخرج رسالته أننا باقون، ونقل القضية للأطفال كدلالة على الأجيال القادمة التي ورغم صغر أعمارها إلا وأنها أصبحت ناضجة وتعرف الحق والباطل. 

قدم المخرج عمله بطريقة هادئة بعيدة عن صخب الإعلانات والكادرات غير المرغوب فيها، من وجهة نظرنا أن كل كادر قام المخرج بتوظيفه بالشكل الصحيح، وبالتالي ظهر عمل كامل له بداية واضحة ونهاية واضحة وانتقال سلس، مع أسلوب يعبر عن الحزن من الأضواء والموسيقى والألوان الباهتة بعض الشيء وأيضًأ الأمل والفرح والأضواء والألوان الحيوية.

الخاتمة:

وفي النهاية اختتم العمل بعلامات النصر من الأهالي مع سير الطفل حنظلة وهو يشاور بعلامة النصر ” سنعود، لا أرض لكم لا ميعاد، ومع كل شهادة وفاة تختم، تكتب ألف شهادة ميلاد”.. هكذا جاء حال إعلان زين لرمضان 2024، وهذا هو حال القضية الفلسطينية، وهذا هو حالنا باقونصامدونمستمرون رغم كل شيء، لم تقتل عادتنا ولم ينتهي الزيتون هذا وعد وحق .. سنعود..  

مقالات قد تفيدك: