Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

تحليل إعلان زين رمضان 2023 “هزات نفسية”

تحليل إعلان زين رمضان 2023 "هزات نفسية"

كيف تصنع من الحدث “حدث يناسب رسالتك”؟ فن استغلال التريند.. تحت عنوان من رحم المعاناة نقود الإبداع، كعادتها شركة زين تخرج عن المألوف وتبعث برسائل قوية، مباشرة، معبرة ومبدعة في إعلان جديد بمناسبة شهر رمضان المعظم لعام “2023” ميلادياً – 1444هجرياً 

قبل البداية والدخول في تفاصيل الإعلان وتحليله من جانب فريق عملنا، دعنا نسرد عدة معلومات هامة حول ماهية الإعلان المرئي وفوائده على العلامة التجارية، ولماذا تستغل كل العلامات التجارية شهر رمضان المبارك في نشر إعلانات ترويجية غير بيعية خاصة بها؟؟

جاهز؟ دعنا نبدأ

مجموعة زين تعد من أكبر الشركات الرائدة في مجال الاتصالات المتنقلة وخدمات الإنترنت والتي تقدم خدماتها لأكثر من مليون عميل في السعودية والشرق الأوسط وأفريقيا، وكعادة العلامات التجارية الكبرى التي تمتلك قطاع كبير من الجمهور والمستهلكين إنتاج حملات إعلانية هدفها التواصل والتهنئة خلال المناسبات وعلى رأسها المناسبات الدينية.. ولكن لماذا يحدث ذلك الأمر، بل ويعد من الأمور الضرورية أيضاً؟ 

الهدف النهائي من أي إعلان هو بالتأكيد “الفعل” من الجمهور، أي إعلان يقوم علي هذا الأساس.. ولكن لكي نصل إلي هذا الهدف نجد أن هناك نوعين من الإعلان وهما

Direct response advertising

هنا يكون الهدف هو رد الفعل الحالي بمجرد مشاهدة الإعلان، أي مثلاً تحفيزك علي الشراء، علي التواصل، على الحجز بالوقت الحالي، وتتلخص رسالته في كلمة الآن، مثل احجز وحدتك الآن!  

General advertising 

أما هنا فنحن نخاطب العقل اللاوعي عند المستهلك، فنترك له رسالة تتعلق بذهنه يكون مفادها هو العلامة التجارية نفسها، بمعنى أننا نترك طابع معين يتذكره الجمهور فيما بعد بمجرد ذكر اسم علامتك التجارية أو نوع المنتج أو الخدمة التي تقدمها، وهذا بالطبع يقع تحت المظلة الكبرى وهي الـ branding 

إذاً فهدف أي علامة تجارية من النوع الثاني من الإعلانات هو ربط عقل المتابعيين لتحفيز شرائهم على المدى البعيد، ولهذا السبب تتواجد الإعلانات بكثرة خلال شهر رمضان المبارك؛ وهنا نعود لبطل هذا الحوار وهو إعلان شركة زين لرمضان 2023 م

الكل شعر بالهزة الأرضية، لا أحد درى.. بهزات نفسية! 

يبدأ الإعلان بمشهد يجمع كلاً من الفنان باسل الخياط والفنانة رزان جمال مع تأثير صوتي لنبضات القلب وصوت غنائي يغرد ب “الكل شعر بالهزة الأرضية، لا أحد درى.. بهزات نفسية” في إشارة للحادث المأساوي الأخير الذي طال كلاً من سوريا وتركيا، ولكن يأخذنا السرب لإشارة أخري وهي المرض النفسي أو “الهزات النفسية” 

بنيت فكرة الإعلان من خلال “insight” يسلط الضوء على مشكلة كبيرة تواجه العالم أجمع وهي المرض النفسي وكيف يشعر به الشخص، 

وجاء الـ “concept” الخاص بالفكرة في تصوير معاناة الشخص المريض ومدى تأثره واحتياجه من العالم الخارجي، مع طريقة لحل الأزمة بشكل إيجابي وهي “التواصل والتعبير عن الألم النفسي” 

وهنا نجد أن ال “creative idea” جائت لخلق قصة تعبيرية بجانب من الإسقاط في تشبيه المرض النفسي بكارثة مثل الزلازل، ثم الحث على رسالة الإعلان نفسه وهي “التعبير عن الألم”

قدم الإعلان من خلال قصة غنائية مقسمة علي 3 مراحل 

المرحلة الأولي

وهي مرحلة الإسقاط القوي في تشبيه المرض النفسي بكارثة طبيعية مثل الزلازل وما ينتج عن آثارها من هدم كامل للمباني والحضارات وهو بالضبط ما يحدث للشخص المصاب بالمرض النفسي من هدم روحه الداخلية وكأنها تتحول لأنقاض..

المرحلة الثانية

وهي شرح بعضاً من الأسباب التي تعود على مشاكل مجتمعية هامة مثل العلاقات بين الأهل والأصدقاء والأسرة

المرحلة الثالثة

وهي رسالة الإعلان في تحفيز الشخص المصاب في البدء والتعبير بمعاناته وحزنه بأي شكل وبأي صورة حتى ولو أمكنه التلويح بدمعة واحدة، ويأتي التأكيد على الرسالة بعاملين هامين

الأولى

زيادة حماس الشخص المصاب نفسه من خلال رسالة تحفيزية متأصلة من النصوص الدينية نفسها وهي “السعي” في جملة كل ما لك أن تسعى

الثانية

هي وعد استبشار بالخير من المجتمع المحيط في التعامل مع الشخص المصاب من خلال جملة ” لن تخذلك الإنسانية” وهذا جانب مهم ومؤثر جداً في رحلة علاج المصاب وكيفية تعامل المجتمع ودعمه له

انهدمت علاقة.. سقط سقف صداقة.. خرج قلب ما رد!! “النص المعبر”

يأتي الدور الأهم في الإعلان وهو “كيفية التقديم” أو نوع الأعلان نفسه، ونجد هنا المؤلف قد استخدم أسلوب الشعر الغنائي في تقديم الإعلان وجمع بين الاستعارة والكناية والتشبيه في كتابة كلمات الإعلان نفسه، كما نعلم أن الإعلان الغنائي يعد من أكثر أنواع الإعلانات شهرة وتأثير بسبب سهولة ترديده وثباته بالنسبة للجمهور؛ وهذا الأمر كان بمثابة نقطة قوة للإعلان نفسه ولكن الأمر الأكثر قوة ونجاح في الإعلان هو  التعبير بالكلمات والإسقاط بين الزلازل والمرض النفسي، والتحوار بمرادفات الكلمات وتشبيهها من حالة الزلال إلى حالة المرض النفسي, فمثلاً نجد الكاتب قد استخدم كلمات مثل “انهدمت علاقة بدل من انتهت علاقة”، “لا تبقي تحت الأنقاض”، “تجمعك قطعة فوق قطعة” في كل مرحلة من مراحل الإعلان

لا تبقي تحت الأنقاض.. لوح بآه لو بدمعة.. لن تطفأ والله نور على نور.. “الرسالة المحفزة”

وهنا نأتي للدور الأخطر والأهم في إنتاج أي عمل إعلاني وهو”الرسالة الإعلانية نفسها”، وبالتأكيد نجد أن فريق العمل قد نجح في إظهار الرسالة بوضوح تام وهي “عدم الاستسلام والتعبير عن الألم مع التمسك بالأمل من خلال السعي” 

جاءت الرسالة من مهد مقدمة الإعلان في نص صريح يعبر عن مضمون الإعلان وتوالت بعدة أشكال تحفيزية وإيجابية من خلال النص والكلمات والجمل الملهمة مثل  “لا تبقى تحت الأنقاض”، “ألف يد سوف تمد”، “ما زال في الناس خير”.. ليأتي نهاية الإعلان بالجملة الأقوي والأكثر تأثيراً ودلالة في “اسعى أن الله يقلب الضيق سعه” 

نهاية قوية ومؤثرة بالكلمات والآثر تترك دلالة قوية على وجود الله بجوار الإنسان دائماً ما دام في السعي، وأيضاً فيها نوع آخر من تقديم الوعد أو التبشير من خلال قدرة الله سبحانه عز وجل على تبديل الضيق والحزن إلي سعادة وفرح، وهنا نجد أنفسنا كمشاهدين أو متلقين للعمل قد اكتمل العرض وختم الستار بوضوح وتأكيد ومشاعر متجددة ومتفاعلة بالسعادة والفرح..

عوامل نجاح الإعلان: كيف تصنع من الحدث “حدث يناسب رسالتك”؟ 

ينقسم نجاح الإعلان إلي تحليل نجاحه في عنصرين هما الجانب التسويقي والجانب الفني..

الجانب التسويقي:

في الجانب التسويقي نجد هنا أن شركة زين استغلت الشهرة الأخير لكلاً من الفنان باسل الخياط والفنانة رزان جمال بعد نجاح آخر عمل جمعهما سوياً خلال مسلسل “الثمن” وهو نوع من أنواع استغلال نجاح المشاهير وتأثيرهم وارتباط الجمهور بهم 

الجانب الثاني والأكثر جمالاً هو استغلال التريند الخاص بزلازل سوريا وتركيا وتحويله إلى تريند جديد بقصة جديدة، وأيضاً جانب آخر من جوانب علم النفس العلاجي وهو تحويل الذكرى السيئة إلي أخري جيدة، وهذا قد نراه تم من خلال تحويل رسالة الإعلان من ذكر الزلازل ثم المرض النفسي “الذكرى السيئة” إلي “الأمل والتحفيز والسعي” الذكرى الجيدة

الجانب الإبداعي:

جاء الجانب الإخراجي في صورة حية تعكس كل مرحلة من مراحل الإعلان بداية من مشهد الافتتاح واللقطة التأسيسية التي يظهر فيها كلا الممثلين في كادر معتم ثم يقوما بالحركة حول بعضهم البعض كدلالة عن وجود مشكلة أو خطر يدور في أذهانهم، ثم ذكر مضمون الإعلان في شكل نص مكتوب على الشاشة والذي تمثل في قد يفقد الإنسان حياته في الكوارث، بينما تفتقده الحياة عندما يصبح مريض نفسي.. 

ثم الإنتقال لمرحلة إخراجية أخرى في عرض مشاهد تعبر عن أنواع الأزمات النفسية وهنا نجد إنتقال الممثل أو البطل الرئيسي للعمل من مرحلة القيام بالتجسيد نفسه إلى مرحلة المرور أمام كل موقف كاسقاط من مخرج العمل في تشبيه البطل هنا هو المرض النفسي والذي يمر من أمام أنواع المشاكل والأزمات. 

ثم مرحلة تغيير المفاهيم وتخليد الرسالة والتي استخدم فيها المخرج كل أدواته المميزة في تكوين حالة من الشعور المبهج، بداية من الرقص مع موسيقى الإعلان التي تبدلت من حالة الحزن والشجن إلي حالة الفرح والسعادة، ثم استخدام الكادرات إضافية فيها مشاهد لممثلين آخرين وهما في حالة مبهجة مع استخدام الأطفال بأكثر من شكل خلال هذا الجزء في دلالة على الأمل والإشراق من جديد.

الجانب الرابع وهو دلالات الألوان وانعكاسها من حيث استخدام اللون الأسود في بداية الإعلان للتعبير عن الحزن، الرمادي في عرض مشاهد أنواع الهزات، ثم بالتتابع استخدام اللون السماوي في آخر الإعلان للدلالة علي مرحلة الصفاء والسلام والهدوء بالتزامن مع جملة أنظر للمتع الصغيرة سيجبر خاطرك المكسور، ثم اللون البرتقالي في جملة لن تطفأ والله نور على نور ودلالة هذا اللون بالتحديد تعود إلي القدسية والروحانيات والتواصل مع الله، بالإضافة إلى إمساك الممثلين بالشمع مع غناء كلا من الفنانين بالجملة التي تعد هي الرسالة الأساسية من العمل ” لن تطفأ لن تطفأ والله نور على نور.

في النهاية..

نستطيع القول بأن “النجاح هو ذلك المعنى المنشود لكل ما يترك أثر في حياة الناس أما بالعمل أو بالإسهام أو بالتوجيه أو بالنية الخالصة” وما يجعل للنجاح قيمة إضافية هو الشكل الذي تؤثر به في غيرك، وهذا كان المفتاح الرئيسي لإعلان رمضان هذا العام الخاص بشركة زين، والآن حان دورك في ترك آثر أيضاً من صنعك.. شاركنا برأيك في تقييم المقال!